بداية يجب أن نوقن يقينا لا مجال للشك فيه أن القرآن الكريم الذى أنزله الله تعالى على نبيه الأمين كتاب معجز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
فالقرآن الكريم يحمل بين دفتيه كل صغيرة وكبيرة تخص بنى الإنسان دونما نقص أو خلل. يقول ربنا جل جلاله : ) مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ (. سورة الأنعام آية (38).
وكلماتى المقلة فى هذا الموضوع ما هى إلا مثال بسيط يبين كيف أن القرآن الكريم سبق العلم الحديث وأقر حقائق علمية منذ أربعة عشر قرنا من الزمان … مازال العلم يجهد نفسه فى البحث للوصول إليها.
فالنصوص القرآنية والأحاديث التى وردت فى شأن العسل تعتبر من أوائل النصوص التى جزمت بالفوائد المطلقة وبالخواص العلاجية الثابتة لهذه المادة القيمة. يقول الحق تبارك وتعالى ) وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ ( سورة النحل آية ، 69.
ويقول فى موضع آخر يصف أنهار الجنة والتى وعد الله بها
المتقون : ) مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى (. سورة محمد آية 15.
وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الشفاء في ثلاث: شربة عسل.. وشرطة محجم. وكية بنار، وأنهى أمتي عن الكي) رواه البخاري.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما جاء في كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) يشرب العسل مخففاً بالماء على الريق.. ويا حبذا لو شربت العسل على الريق بماء زمزم فإنه الدواء الجامع، والبلسم النافع لكل داء، وللوقاية من كل وباء.. وقد جاء في سنن ابن ماجة مرفوعاً من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (من لعق ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم البلاء).
كيف لا وقد ثبت علمياً أن البكتريا لا تعيش في العسل لاحتوائه على (مادة البوتاس) وهي التي تمنع عن البكتريا الرطوبة التي هي مادة حياتها، كما قال الدكتور (جارفس) في كتابه (طب الشعوب). وإن لم نسمع أو يصلنا خبر المصداقية العلمية لما في العسل من فوائد فنحن على يقين مطلق في أن قول الله تعالى حق.. لأنه الخالق للعسل والنحل والخالق لكل شيء. {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} لملك: 14.
ولقد كان عوف بن مالك الأشجعي رضى الله تعالى عنه يكتحل بالعسل ويداوي به من كل سقم إيماناً بكتاب الله تعالى:{فيه شفاء للناس}.
ولقد ثبت أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما كان لا يشكو قرحة أو شيئاً إلا جعل عليه عسلاً.. حتى الدمل إذا خرج عليه طلاه بالعسل.. وقرأ عليه شيء من القرآن كما ورد فى تفسير ابن كثير.
ويقول المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه فى حديث ما معناه : (عليكم بالشفاءين العسل والقرآن) (رياض الصالحين – زاد المعاد لابن القيم).
هذه بعض مصابيح الهداية الربانية التى وردت فى القرآن الكريم والسنة المطهرة قد أقرت هذه الحقيقة وأعلنتها على الملأ منذ ما يقرب من ألف وأربعمائة عام.
والآن تعالى معى – عزيزي القارئ – لكى أطلعك على اجتهادات العلماء واكتشافاتهم لما يحمله ( عسل النحل ) من قيمة غذائية وفوائد صحية لكى تزداد يقيناً وتثبتاً فى ذلك الدستور المعجز الذى غفلنا عنه ، وسرنا وراء المدينة الحديثة كما يدعى البعض الذين لا يفهمون عن القرآن والإسلام إلا رسمه. فقد نادى هؤلاء إلى إبعاد "القرآن الكريم" باعتباره تراث قديم لا يصلح لهذا العصر وساروا وراء الحضارة الغربية المفلسة – ولا حول ولا قوة إلا بالله.