قصَّة وعبرة \\ كان هناك رجلٌ شيخٌ طاعنٌ في السِّن
يشتكي من الألم والإجهاد في نهايةِ كل يوم.
سأله صديقه :
ولماذا كل هذا الألم الذي تشكو منه ؟!
فأجابه الرجل الشيخ :
يُوجد عندي بازان (الباز نوع من الصقور) , يجب عليَّ كل يوم أن أروضهما ,
وكذلك أرنبان يلزم أن أحرسهما من الجري خارجاً ,
وصقران عليَّ أن أُقَوِّدهما وأدربهما ,
وحيةٌ عليَّ أن أحاصرها ,
وأسدٌ عليَّ أن أحفظه دائماً مُقيَّداً في قفصٍ حديدي ,
ومريضٌ عليَّ أن أعتني به واخدمه ,
قال الصديق :
ما هذا كُلَّه لابد أنك تضحك،
لأنه حقاً لا يمكن أن يوجد إنسان يُراعي كُلَّ هذه الأشياء مرةً واحدة.
قال له الشَّيخ :
إنَّني لا أمزح ولكن ما أقوله لك هو الحقيقة المُحزنة ولكنها الهامة ..
إنَّ البازين هما عيناي , وعليَّ أن أروضهما عن النَّظر
إلى ما لا يحل النظر إليه باجتهادٍ ونشاط ,
والأرنبين هما قدماي , وعليَّ أن أحرسهما وأحفظهما
من السَّير في طُرقِ الخطيئة
والصقرين هما يداي
وعليَّ أن أدرِّبهما على العمل حتى تمداني بما أحتاج
وبما يحتاج إليه الآخرون من إخواني
والحيَّةُ هي لساني وعليَّ أن أحاصره وألجمه باستمرار
حتَّى لا ينطق بكلامٍ معيبٍ مشين
والأسد هو قلبي
الذي تُوجد لي معه حربٌ مستمرة
وعليَّ أن أحفظه دائماً مُقيَّداً
كي لا تخرج منه أمور شريرة
أما الرَّجل المريض فهو جسدي كله
الذي يحتاج دائماً إلى يقظتي وعنايتي وانتباهي
إن هذا العمل اليومي يستنفذُ عافيتي
إن من أعظم الأشياء التي في العالم :
هي أن تضبط نفسك ,
ولا تدع أي شخصٍ آخر محيطاً بك يدفعك إلى طريق الخطيئة والضلالة ,
ولا تدع أيَّاً من نزواتك وضعفك وشهواتك تقهرك وتتسلَّط عليك.
لا يوجد أعظم مما خلقك الله لأجله
وهو أن تكون ملكًا على نفسك