بقي عالم تصنيع المخدرات مشتغلا من دون توقف، من أجل تهديم الأخلاق والعبث بعقول الشباب، وللأسف تصدر هذه المواد السامة إلى كل الدول في أشكال مختلفة، لكن هدفها واحد هو تدمير عقول المراهقين الذين يسعون دائما للحصول على كل متعة تريح العقل، وتحقق النشوة الدائمة حتى ولو كانت على حساب حياتهم، لكن تعاطيها لم يقف عند الذكور فحسب، بل امتد إلى الجنس اللطيف، هذا الأخير الذي انساق وراء هذه المخدرات بكل أنواعها، فقد وصل مؤخرا إلى السوق الجزائرية للممنوعات مخدر يسمى "الحلوى"، والذي يعرف في العالم بأسره بـ"ليكستا"، هذه السموم أصبحت اليوم تعبث بعقول بناتنا في غياب أدنى مراقبة، وأضحت الكثيرات منهن أسيرات لهذه السموم القاتلة.
ماهية هذه المواد الموجهة لتدمير الأخلاق والعقول
تدرج مثل هذه المخدرات ضمن خانة المواد الممنوعة التداول بين الأفراد، لما لها من تأثير على نفسية الأشخاص وعقولهم جراء استعمالها، كانت بالأمس تستخدم أو تقدم في شكل جرعات أو إبر أي سوائل، لكنها اليوم اتخذت شكلا آخر، وهي عبارة عن أقراص من مختلف الأشكال والألوان وتكتب عليها عبارات مختلفة كذلك، على غرار "حب"، وبرسومات عديدة مثل "القلوب"، تظهر للعيان في أول مرة أنها عبارة عن حلويات في شكل أقراص، لكنها في الأصل مخدرات شديدة التأثير عند استعمالها، تعتبر هذه المواد من المواد المهلوسة والمنشطات المحظورة عالميا، كانت فيما مضى تقدم مكوناتها للمرضى النفسيين لما تحققه من هدوء ونشوة ممتعة لهم، لكن اليوم بإضافة مواد أخرى لها تحول تسويقها إلى الشباب المعافى من أجل الوصول إلى مراحل متقدمة من المتعة الزائدة، اجتازت بذلك تأثير المخدرات التقليدية المعروفة، لكن التمادي في استعمالها يمكن أن تصل آثاره إلى الهلاك، لأنها في الأصل لا تحتوي على مواد نقية، وصح القول عليها أنها "قاتلة الشباب"، لما تخلفه من آثار سلبية وصلتسلبية وصلت إلى المرحلة الأخيرة في حياة الشباب هي الموت، لكن قبل هذا، فهي تسبب تشنجات في الأعصاب وينتقل الشخص المدمن عليها إلى مرحلة الهيجان الدائم من دون توقف ونشاط غير عادي, ولعل الكثير من الجرائم التي تقع بين الشباب ترجع أسبابها إلى هذه المواد، لأنها تزيد من نشاط الأفراد تصل إلى حد العدوانية، بل إلى ارتكاب الجرائم والسرقة من دون خوف، لأن الشجاعة تقف على عاتق هذه المواد السامة التي تنمي هذا الشعور لدى الفرد، والملاحظ في هذه المواد أن لها عدة تأثيرات سلبية عديدة تبدأ من الهدوء التام والنشوة الهدامة إلى العنف والاعتداء، وهي من التناقضات التي تخلفها هذه المواد السامة عند استعمالها من طرف الشخص المدمن عليها.
توزع في الحفلات المختلطة من أجل المتعة الزائدة
إن وصول الجنس اللطيف إلى استعمال هذه الأقراص المهلوسة في مجتمعنا لم يأت من العدم، ولم تعرض عليهن في البيوت من أجل اقتنائها ولا في محلات الألبسة الخاصة بهن، بل كانت نتيجة لعدة أسباب سهلت عملية الوصول إليها على غرار حضور الحفلات الماجنة المختلطة بين الشباب والفتيات في الملاهي والكباريهات والحفلات الخاصة، هذه الأماكن هي التي فتحت أعين الكثير منهن على هذه المواد التي تستعمل في أغلب الأحيان للمتعة الزائدة من دون حدود نتيجة للنشوة الكبيرة والنشاط الذي تولده عند المدمن عليها، ساهم بذلك هذا التواصل غير الشرعي بين الأفراد في فتح هذا الحقل الذي وللأسف لا توصد أبوابه طوال أيام السنة في الحفلات الخاصة والمناسباتية وغيرها، سمحت بانتشارها بشكل واسع حتى وإن لم تظهر للعيان مثل المخدرات المعروفة سابقا، كل هذه الظروف ساعدت بشكل كبير في زرع هذا السم في عقول الكثيرات من الجنس اللطيف الذي كان بالأمس لطيفا، لكن اليوم وبوصوله إلى مراحل متقدمة من تعاطي المخدرات على غرار"اكستا" تحول إلى جنس عنيف تعدى حتى عنف الرجل في الكثير من الأحيان، ظهرت آثاره للعيان في المدة الأخيرة في المجتمع.
تستعمل في الدول المنتجة لها من أجل متعة خاصة وعندنا في كل الأيام
الغريب في الأمر والمحزن في نفس الوقت أن في عديد الدول التي تصنع هذه المواد السامة تستعمل في مناسبات قليلة ومن أجل المتعة ولو إلى حين، تنتهي عند انتهاء هذه المغامرة مباشرة، لكن في الكثير من الدول المستوردة لها بالطرق غير قانونية فإنها تستعمل في كل الأوقات بمناسبة ومن دونها، لكن يزيد الطلب عليها عند اللقاء والتجمهر بين الجنسين في المناسبات الكبيرة التي تزيد من حماسة المراهقة وتأثير هذه المواد، ينتهي في الغالب بأضرار نفسية أو جسمانية مادامت الشهوة والنشوة اجتمعتا في قلب وعقل واحد، يعكس هذا ما وصلت إليه حالة الكثير من الشباب اليوم والعديد من الفتيات التي دنست عقولهن هذه السموم القاتلة في الخفاء من دون رادع ولا مرب ولا ناه على التقرب من هذه "الحلوى" التي رسمت عليها رسوم للقلوب، لكنها قاتلة للحياة فيها، وبعيد عن الحفلات فهي كذلك توزع بين الأفراد في الخفاء والزوايا المظلمة، وهذا ما يعكس حرمتها في التداول بين الاشخاص.
التشهير لها في الحفلات الماجنة من طرف أشباه الفنانين
لم يقف فساد أهل البغاء في الحفلات الماجنة على الكلام الفاحش والماجن فقط، بل أصبحوا قائمين على منابر التشهير لهذه الممنوعات والسموم القاتلة التي تعبث بحلم المراهقين ويزداد ضحاياها من يوم لآخر ومن سنة لأخرى من دون توقف، فلا تمر هذه الحفلات إلا وتذكر كل أشكال الممنوعات والمخدرات التي تعبث بعقول شبابنا وفتياتنا اللواتي تورطن في مثل هذه المواد، وبات الرجوع عنها صعبا في غياب من ينهاهن عن الحد منها، بل كثر من يروج لها على غرار أبواق أشباه الفنانين الذين يجرون في كل يوم إلى متعتهم الزائلة الكثير من الشباب والفتيات باسم المتعة والترويح عن النفس من أعباء الحياة الاجتماعية، وهم في الحقيقة يجرونهم إلى ضيق الصدور لا غير.
إن تسليط الضوء على الجوانب المظلمة من هذا الموضوع، هو نتيجة للملاحظة الدائمة لما وصلت إليه بعض فتياتنا وأعينهن ساهرة تحت تأثير هذه المواد السامة، وهذا يوحي بالفساد الذي تفشى في المجتمع ككل، لكن عندما يصل الحال إلى خير مدرسة في المجتمع، فإن الأمر أعظم، وجب دق ناقوس الخطر, هذا الجنس اللطيف الذي أصبحت كل شوائب الحضارة تلطخ سمعته باسم التحضر والحرية الشخصية، لكنها في الأصل هي هدامة لشخصه ورفعته ونقائه في المجتمع، استطاعت اجتهادات الفساد أن توصل إلينا هذا المخدر الذي سماه أحدهم "الحلوى" نسبة إلى شكله، لكنه في الأصل يحمل مرارة عصفت بعقول فتياتنا وأوصلتهن إلى الموت البطيء في الكثير من زوايا هذا المجتمع، وتلاشت أنفاسهن تحت تأثير أنين الألم والمتعة الزائلة جراء هذه السموم.