عدد المساهمات : 3375 تاريخ التسجيل : 25/08/2014 الموقع : سطيف
موضوع: الصحابي الذي اضاءت له عصاه الثلاثاء أبريل 19, 2016 6:57 pm
عباد بن بشر - رضي الله عنه-، أحد الأنصار الذي أسلموا على يد مصعب بن عمير -رضي الله عنه- قبل هجرة الرسول إلى المدينة، وشهد عباد مع الرسول الغزوات كلها وأبلى فيها بلاء حسنا، وهو من الذين قتلوا اليهودي كعب بن الأشرف الذي كان يؤذي النبي ( ويضايقه ويحرض قومه على أذاه، فخلصوا الإسلام من شروره.)
وقالت السيدة عائشة - رضي الله عنها- عن عباد: ثلاثة من الأنصار لم يكن أحد يعتد عليهم فضلاً كلهم من بني عبد الأشهل؛ أسيد بن حضير وسعد بن معاذ وعباد بن بشر. [ابن إسحاق والحاكم]. وكانت عصاه تضيء له إذا خرج من عند رسول الله إلى بيته ليلاً، ودعا له النبي قائلاً: (اللهم اغفر له) [البخاري] وعرف عباد بشجاعته وفروسيته وقوته في الحرب، وقد أظهر مواقف بطولية كثيرة تدل على حبه للجهاد ورغبته في الشهادة في سبيل الله. ولعلَّ هذه الواقعة التي نرويها الآن تكشف عن شيء من بطولة هذا المؤمن العظيم بعد أن فرغ رسول الله والمسلمون من غزوة " ذات الرِّقاع " نزلوا مكاناً يبيتون فيه، واختـار الرسول للحراسة نفراً من أصحابه يتناوَبونَها وكان منهم " عمار بن ياسر" وعبَّاد بن بشـر - رضي الله عنهما - في نَوْبَةٍ واحدة .. ورأى ][ عبَّاد ][ صاحبه " عماراً " مجهداً، فـطلب منه أن ينام أول الليل على أن يقوم هو بالحراسة حتى يأخذ صاحبه من الراحة حظاً يمكنه من استئناف الحراسة بعد أن يصحو.. ورأى عبَّاد أن المكان من حوله آمِن، فَلِمَ لا يملأ وقته إذن بالصـلاة ، فيذهب بمثوبتها مع مَثُوبَةِ الحراسة ..؟!وقام يصلي ..وإذ هو قائم يقرأ فاتحة الكتاب وسورةً من القرآن ،اخترم عَضُدَه سهم ،فنزعه واستمر في صلاته ..!! ثم رماه المهاجم في ظلام الليل بسهم ثان نزعه وأنهى تلاوته ..ثم ركع وسجد ..وكانت قُواه قد بدَّدها الإعيـاء والألم ،...فـمدَّ يمينه وهو ساجد إلى صاحبه النائم بجواره ،وظلَّ يهزُّه حتى استيقظ..ثم قام من سجوده وتلا التشهُّد .. وأتمَّ صلاته .وصحا " عمَّار " على كلماته المتهدجة المتعبة تقول له : ( قم للحراسة مكاني فقد أصبت ).ووثب " عمَّار " محدثاً ضجة وهرولة أخافت المتسللين ، ففرُّوا ،ثم التفت إلى عبَّاد وقال له سبحـان الله .. هَلَّا أيقظتني أوَّل ما رُميت ..؟؟ )فـأجابه عبَّاد ( كنت أتلو في صلاتي آيات من القرآن ملأت نفسي رَوْعة فلم أحب أن أقطعها ).( ووالله ، لولا أن أضيعَ ثَغْرَاً أمرني رسول الله بحفظه ،لآثرت الموت على أن أقطع تلك الآيـات التي كنت أتلوهـا ..!! وظل عباد بن بشر - رضي الله عنه- يجاهد ويغزو في سبيل الله ونصرة دينه حتى جاءت معركة اليمامة في عهد أبى بكر الصديق - رضي الله عنه-، فخرج مع المسلمين لمحاربة المرتدين وقتال مسيلمة الكذاب ومن معه وظل عباد بن بشر - رضي الله عنه- يجاهد ويغزو في سبيل الله ونصرة دينه حتى جاءت معركة اليمامة في عهد أبى بكر الصديق - رضي الله عنه-، فخرج مع المسلمين لمحاربة المرتدين وقتال مسيلمة الكذاب ومن معه. وبدأت معركة اليمامة واشتد القتال، وكاد المسلمون أن ينهزموا فصاح عباد بأعلى صوته في الأنصار قائلاً: حطموا جفون السيوف (أي: كسروا أغمادها حتى لا تعود إليها مرة ثانية)، وتميزوا من الناس (أي: ابعدوا عن الناس حتى تظهر بطولتكم فيكون ذلك حافزًا على القتال)، وأخلصونا أخلصونا (أي أخلصوا في الحرب والقتال). ثم انطلق أربعمائة رجل من الأنصار، وكان في مقدمتهم عباد بن بشر والبراء بن مالك، وهجموا على باب الحديقة التي كان يختفي فيها مسيلمة وبعض أنصاره. وتذكر عباد قول النبي : الأنصار شعار، والناس دثار.[مسلم] (بمعنى أنهم بطانة النبي )، وخاصته دون سائرالناس، فقاتل عباد بشجاعة حتى رزقه الله -عز وجل- الشهادة في تلك المعركة، وكان ذلك في العام الثاني عشر من الهجرة. وقد وجد في جسده جراحات كثيرة حتى أن الصحابة لم يعرفوه، ولم يعرفه إلا صديقه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- بعلامة فيه كان يعرفها، وحينئذ كان عباد قد بلغ من العمر خمسًا وأربعين سنة، فرضى الله عنك ورحمك يا عباد.