:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ تَنْبَعِثُ الْقُلُوبَ إلَى الْخَيْرِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي بِهَا وَبِسَبَبِهَا تُفَتَّحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَيُمْتَنَعُ مِنْ الشُّرُورِ الَّتِي بِهَا تُفَتَّحُ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَتُصَفَّدُ الشَّيَاطِينُ فَلَا يَتَمَكَّنُونَ أَنْ يَعْمَلُوا مَا يَعْمَلُونَهُ فِي الْإِفْطَارِ ؛ فَإِنَّ الْمُصَفَّدَ هُوَ الْمُقَيَّدُ ، لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَمَكَّنُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ بِسَبَبِ الشَّهَوَاتِ ؛ فَإِذَا كَفُّوا عَنْ الشَّهَوَاتِ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ " .
وقال أيضا :
" وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " { إذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ } ؛ فَإِنَّ مَجَارِيَ الشَّيَاطِينِ ، الَّذِي هُوَ الدَّمُ ، ضَاقَتْ ؛ وَإِذَا ضَاقَتْ انْبَعَثَتْ الْقُلُوبُ إلَى فِعْلِ الْخَيْرَاتِ ، الَّتِي بِهَا تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَإِلَى تَرْكِ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي بِهَا تُفْتَحُ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُمْ وَعَمَلُهُمْ بِتَصْفِيدِهِمْ ، فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا ؛ بَلْ قَالَ: " صُفِّدَتْ " وَالْمُصَفَّدُ مِنْ الشَّيَاطِينِ قَدْ يُؤْذِي ، لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ؛ فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ ؛ فَمَنْ كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا : دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ ؛ فَهَذِهِ الْمُنَاسَبَةُ ظَاهِرَةٌ فِي مَنْعِ الصَّائِمِ مِنْ الْأَكْلِ " .