قصيدة أبكت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم
روى الطبراني أن شابًا ذهب إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يشكو والده، فقال له النّبيّ اذهب واتني بأبيك، فذهب ينادي والده، فنزل جبريل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، وأقرأه سلام اللّه وقال له: إذا جاءك الرجل فسله: ماذا قال في نفسه وهو قادم إليك بما لم تسمعه أذناه؟ فلمّا جاء الرجل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، ودار بينهما حديث، قال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ''دعك من هذا، وأخبرني بما قلته في نفسك وأنت قادم إلينا بما لم تسمعه أذناك؟''. فتعجّب الرجل أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عرف ما دار في نفسه، وقال: ما يزال اللّه يزيدنا بك يقينًا، لقد قلت:
غذوتك مولودًا وعلتك يافعًا
تعـل بمـا أدني إليـك وتنهـل
إذا ليلة نابتك بالشكو لم أبِت
لشكـواك إلاّ ساهـرًا أتململ
كأنّي أنا المطروق دونك بالّـذي
طرقت به دوني وعيني تمهل
فلمّا بلغت السن والغاية الّتي
إليهـا مدى ما كنت منك أؤمل
جعلت جزائي منك جبـهًا وغلظـة
كأنّك أنت المنعـم المتفضل!
فليتـك إذ لم ترع حقّ أبوتي
فعلـت كما الجار المجاور يفعل
فأوليتني حقّ الجـوار ولم تكـن
عليَّ بمال دون مالك تبخل!
فبكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال: ''ما من حجر ولا مدر يسمَع هذا إلاّ بكى''! ثمّ قال للولد: ''أنتَ ومالُك لأبيك''.