قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لايحتسب».
[
كان للحسن البصري مجلس علم يجتمع فيه مع طلابه كل يوم، وفي أحد الأيام جاءه رجل يسأله النصيحة في عدم الإنجاب فقال له البصري: اذهب واستغفر الله، ومرة أخرى يأتيه رجل آخر في مجلس آخر يشتكي الفقر ويريد النصيحة، فيقول له البصري: استغفر الله، وفي مجلس ثالث يأتيه أحد الرجال يشتكي الزرع، فيقول له البصري: استغفر الله، فقام أحد تلاميذه وقال له: يا إمام أكلما يأتيك سائل تقول له استغفر الله؟ فقال البصري: ياهذا ألم تقرأ قول الله تعالى: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا . يرسل السماء عليكم مدرارا . ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لايحتسب».
قال النبي عليه الصلاة والسلام لما جاء النساء: «يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقالت امرأة منهن جزلة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير» (رواه مسلم).
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال: «يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عارٍ إلا منكسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم، وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم و آخركم وإنسكم وجنكم قاموا على صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه» (رواه مسلم).
من فوائد هذين الحديثين: إدراك العبد أن ذنوبه مهما كثرت فإن الله تعالى يغفرها جميعاً إذا استغفر العبد ربه وتاب إليه بصدق، والدليل على مغفرة الله للذنوب جميعاً قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاتَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53].
وقوله تعالى في الحديث القدسي: «وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفرلكم».
قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً" صحيح الجامع.
فضائل الاستغفار:
أنه طاعة لله عز وجل.
أنه سبب لمغفرة الذنوب: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً}.
نزول الأمطار: {يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً}.
الإمداد بالأموال والبنين: {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ}.
دخول الجنات: {وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ}.
زيادة القوة بكل معانيها: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ}.
المتاع الحسن: {يُمَتِّعْكُم مَّتَاعاً حَسَناً}.
دفع البلاء: {وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
وهو سبب لإيتاء كل ذي فضل فضله: {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ}.
العباد أحوج ما يكونون إلى الاستغفار، لأنهم يخطئون بالليل والنهار، فاذا استغفروا الله غفر الله لهم.
الاستغفار سبب لنزول الرحمة: {لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
انظروا إلى رحمة الله، الفعل قليل والأجر عظيم، فسارعوا أيها الأخوة إلى الاستغفار والتوبة.
الاستغفار يكون توبة إذا جمع معاني التوبة وشروطها.
شروط التوبة:
الإقلاع عن الذنب إن كان متلبسا به.
عقد العزم على أن لا يعود إليه فيما بقي من عمره.
الندم على ما فات.
وبذلك تتداخل التوبة والاستغفار فيكون الاستغفار توبة والتوبة طلب مغفرة.
الفوائد عظيمة: سيد الاستغفار وهو أفضلها، وهو أن يقول العبد: «اللهم أنت ربي لا إله الا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».
«اللهم اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم».
«أستغفر الله العظيم من كل ذنب وأتوب إليه».
فوائد الذكر والاستغفار: سيد الأذكار
يطرد الشيطان.
يرضي الرحمن.
يزيل الهم والغم.
يجلب البسط والسرور.
ينور الوجه.
يجلب الرزق.
يورث محبة الله للعبد.
يورث محبة العبد لله، ومراقبته، ومعرفته، والرجوع إليه، والقرب منه.
يورث ذكر الله للذاكر.
يحيي القلب.
يزيل الوحشة بين العبد وربه.
يحط السيئات.
ينفع صاحبه عند الشدائد.
سبب لتنزّل السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة.
أن فيه شغلاً عن الغيبة، والنميمة، والفحش من القول.
أنه يؤمَّن من الحسرة يوم القيامة.
أنه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله للعبد يوم القيامة تحت ظل عرشه.
الذكر أمان من نسيان الله.
أنه أمان من النفاق.
أنه أيسر العبادات وأقلها مشقة، ومع ذلك فهو يعدل عتق الرقاب، ويرتب عليه من الجزاء مالا يرتب على غيره.
أنه غراس الجنة.
يغني القلب ويسد حاجته.
يجمع على القلب ما تفرق من إرادته وعزومه.
ويفرق عليه ما اجتمع من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات.
ويفرق عليه ما اجتمع على حربه من جند الشيطان.
يقرب من الآخرة، ويباعد من الدنيا.
الذكر رأس الشكر، فما شكر الله من لم يذكره.
أكرم الخلق على الله من لا يزال لسانه رطباً من ذكر الله.
الذكر يذيب قسوة القلب.
يوجب صلاة الله وملائكته.
جميع الأعمال ما شرعت إلا لإقامة ذكر الله.
يباهي الله عز وجل بالذاكرين ملائكته.
يسهل الصعاب ويخفف المشاق وييسر الأمور.
يجلب بركة الوقت.
للذكر تأثير عجيب في حصول الأمن، فليس للخائف الذي اشتد خوفه أنفع من الذكر.
سبب للنصر على الأعداء.
سبب لقوة القلب.
الجبال والقفار تباهي وتبشر بمن يذكر الله عليها.
دوام الذكر في الطريق، والبيت والحضر والسفر، والبقاع تكثير لشهود العبد يوم القيامة.
للذكر من بين الأعمال لذة لا يعدلها لذة.
التصنيف: الذكر والدعاء
المصدر: فريق عمل طريق الإسلام