إنّ "الحرارة الطبيعيّة التي يحيا عليها جسم الإنسان هي 37 درجة مئويّة. وكلّ حرارة متدنّية عن 20 درجة مئويّة تُعدّ باردة وتستلزم بالتالي أن يأخذ المرء تدابير خاصّة للحيلولة دون إصابته بمرض ما ناتج عن الصقيع".
في البلدان التي تتمتّع بعدد من الفصول، يبقى فصل الشتاء هو الأشدّ برودة، إذ تنخفض درجة الحرارة بنسبة ملحوظة، ويضطرّ الناس لإرتداء ملابس سميكة، وتدفئة المنازل والمكاتب والسيارات، وفرش السجّاد، وإستخدام الأغطية. ذلك أنّ جسم الإنسان عُرضة لإلتقاط أمراض أكثر وإلتهابات جمّة عندما يكون الطقس بارداً.
أمراض ومضاعفات
ان "للبرد أضراراً كثيرة على جسم الإنسان. فهو يؤثر على كل الأعضاء ويولّد مضاعفات لأمراض موجودة أصلاً. فالمرضى الذين يعانون مرضاً معيّناً، معرّضون لأن تسوء حالهم الصحيّة إذا لم ينتبهوا إلى أنفسهم ويتخذوا الحذر كي لا يُصابوا بإنتكاسات".
ان "الطقس المصقع يسبّب أن يزيد سماكة الدم في الشرايين، مما يجعل الإنسان عُرضة للجلطات الدماغيّة أو الجرحات القلبيّة. فأمراض القلب والشرايين تتفاقم مع تدني درجة الحرارة، وتزيد نسبة الإصابة بسكتات دماغيّة. وعلى صعيد آخر، يسبّب البرد أوجاعاً معويّة عديدة وعسر هضم، إذ توجد أنزيمات خاصّة في المعدة لا تعمل في حرارة متدنّية، وبالتالي لا يستطيع المرء أن يهضم الأكل جيّداً فيعاني تقلّصات ونوبات ألم. والأمر الأكثر شيوعاً هو إلتقاط الرشح والزكام في موسم الشتاء بسبب وجود ميكروبات وجراثيم تعيش في الطقس البارد. ويلتقط الناس العدوى من الطقس ومن بعضهم البعض. وقد تتطوّر بعض حالات الزكام العابرة إلى إلتهابات في القفص الصدري والرئتين. كما أنّ المسالك البوليّة قد تتأثر بالصقيع، فتتقلّص عضلات مجاري البول ما يولّد حصر بول مثلاً عند الأشخاص الذين يعانون تضخّماً في غدّة البروستات".
وما إن يدخل "الميكروب" الجسم حتى يتمكّن منه وينتشر في كل أعضائه، مخلّفاً حالات من الأمراض والإلتهابات التي كان الإنسان بغنى عنها. فالحرارة المتدنّية تسيء إلى الجسم برمّته، الذي يفقد شيئاً فشيئاً دفاعاته بسبب البرد القارس، فلا يستطيع مجابهة الجراثيم التي قد تتسرّب إلى نظامه.
حالات متقدّمة
ان "الطقس البارد يسبّب بعض الأمراض التي يمكن معالجتها. بيد أنّ الطقس القارس وتدني درجات الحرارة بشكل ملحوظ قد يؤديان إلى حالات متقدّمة من الأمراض... وأحياناً إلى الموت"!
فإذا ما تعرّض جسم الإنسان لحرارة متدنّية كثيراً، ولفترات طويلة، يمكن أن تنخفض درجة الحرارة في جسمه بنسبة مقلقة، فيعاني من Hypothermia، أي إنخفاض واضح في حرارة الجسم، التي إذا ما وصلت لأقلّ من 35 درجة مئويّة تسبّب خطراً على الصحّة. فشرايين القلب حسّاسة، وأيّ تدنٍ في الحرارة قد يؤدّي إلى قصور في عمل القلب.
يمكن أن يعالَج المريض الذي يعاني تدنياً في حرارة الجسم بأوكسيجين دافئ ومصل دافئ بحرارة الجسم، إضافة إلى وضعه في بيئة دافئة وإلباسه ثياباً سميكة.
أّمّا الحالة الثانية التي يمكن أن تصيب الإنسان إذا تعرّض للسعات البرد القارسة، فهي منتشرة أكثر في البلدان التي تشهد إنخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة لما دون الـ40 درجة مئويّة، مثل كندا مثلاً. عندها، تنغلق الشرايين نهائياً، وبخاصّة في المناطق المغذاة بنسبة دم عالية مقارنة بمساحتها الصغيرة. فإذا تعرّض شخص ما إلى لسعات البرد هذه التي تسمّى Frostbite، قد يفقد أنفه أو إصبعه مثلاً،الذي يتجمّد جرّاء الطقس القارس، ولا يلبث إلاّ أن يسقط.