حُكيَ أَنَ امرأةً صالحةً كان لها دارٌ بجوار قصرٍ المَلِك. وكانت هذه الدارُ تُشينُ ذلك القصر – أي تؤثر على هيئة القصر وبهائِهِ. وكلما رَامَ المَلِك (أي طَلبَ) منها أن تبيع الدار أبت أن تبيعها منه. فخرجت المرأة ذات يوم في سفرٍ فأمر الملك بهدم الدار. فلما جاءت المرأةُ من السفرِ قالت: مَنْ هَدَمَ داري؟ فقيل لها: المَلِكْ. فرفعت طَرفَهَا ويَديهَا إِلى السمَاءِ وقالت "إِلَهي ومولاي ربَّ العالمَين أنا الضعيفَةُ وأَنتَ القاهِرُ، للضعيفِ معينٌ وللمظلومِ نَاصِر". ثم جلست فخرج المَلِك في مَوكِبِهِ فلما نَظَرَ إِلَيهَا قال لها: مَا تَنتظِرين؟ قالت: أنتظرُ خرابَ قَصرِكَ.فهزأ بقولها وضحك منها. فلما جُنَّ عليه الليلُ خُسِفَ بِهِ وَ بِقَصرِهِ، ووُجِدَ عَلَى بعض حيطان القصر مكتوبٌ هذه الأبيات:
أتهزأُ بالدعاءِ وَتَزدَريهِ ... وَمَا يُدريكَ ما صَنَعَ الدُعاءُ
سِهَامُ الليلِ لا تُخطي ولكِن ... لها أمدٌ وللأمَدِ انقضاءُ
وَقَد شَاءَ الإلَهُ بِمَا تَرَاهُ ... فَمَا لِلمُلكِ عِندَكُم بَقاءُ